المعاكسات والتحرش

أن تكوني فتاة شرّقية في دولة عربية هذا يعني الكثير ...

جسدك ليس ملكُك لوحدك بل ملك جميع من تمرِّين من جانبهم وأنتِ في الطريق، وبسبب هذا الشيّئ يجب أن تحترمي حقهم في جسدك وتضعين هذا الشيّئ نَصب عينيكِ عندما تَرتدين ثيابك، فـإن لم تُعجبهم ملابسك في الشَارع، مِن حقهم إنتِقاذُك التهزأ بك التحرّش بك من حَقهم أن يَلمسونك أن يتحرَّشو بك بسيارتهم ويضحَكون لأن خوفك مضحك بالنسبة لهم،  ولو تم دهسك بالسيارة فـ ذاك قَدرك .. وهم سُيكملون الضحك بـِشكل طبيعي، فـ نَحن مُجتمع مُحافظ وشَعب كامِل التَرّبية ...!

مُضطرة أن تسمَعي يومِيًّا كلِمات المُعاكَسات وتأخدِينها على أسَاس أنّها مجاملة و أن لاَ تشعُري بالضّيق .

مِن الطبيعي في المواصَلات العَامة أن تكونَ المِرأة متركزة عليكِ والسائق ينظر لكِ أكثر من نَظره إلى الطَريق
سيكون أقصى طُموح أن تركَبي المواصلات العَامة وتنزلين وأنتِ سليمة غير متضررة .  
                             
ستتعاكسين بكل الطُرق المُمكنة بمعدل من عَشرة إلى عِشرين مرة في الشَارع الواحد أو في الجَامعة ومُضّطرة أن تصمُتي على كل ذلك لِـ عدة أسباب :

أولُها : إن قام أحدُهم بمعاكستك أَو التحرّش بك وتجيبينه  بقولك يا..... لن يصمت و سيُجيب بـ يا .... هو لم يفعل شيّئ خطأ وليس من المنطق أن تردي عليه الجواب وتشتمينه

تانيهما : أنك ستواجهينه لوحدك لا أَحد سيقف معك وغالبًا النساء ستشتمك قبل الرجال
             
ثالثها : لأنك لَن تستطيعِي شتم و مجادلة كُل من يتحرش بك فلن يبقى لدَيك متّسِع من الوقت لقضَاء ما أنت خارجة لأجله

يحدث لكِ كل ذلك من معاكسات وتحرُّش و شتم فقط لأنكِ السبب في كل ما يحدث لك
السبب ليس المعاكِس ولا المتحرّش ولا المُجتمع ولا القانُون أو إنعدامه بل أنتِ السبب    
يحدث لكِ كل ذلك طوال حياتك كُلّ يوم تخرجِين فيه من المنزل  ويجب أن يكون لديكِ طاقة للخُروج والدراسَة والنجَاح و العمل والزواج وإفَادة بلادك   
يجب أن تبقى لديكِ طاقَة كي تعيشِين تتعاملين مَع النّاس كلها بشكل طبيعي ولا تقومِين بتهويل وتكبير الموضُوع ولا تنعزلِين ولا تتوقفِين عن الخُروج من البيت وتعيشِين حياتك كإنسَانة طبيعية
الشعُوب العربية تستطيع تغيِير حُكام و أحزاب ودسَاتير ولكن الشيّئ الوحِيد الذي لن تستَطيع تغيِيره هُو إحترامهم لأنفُسهم وإحترامهُم للأُنثى ولجسدهَا ولِرغباتها وأحلاَمها وحقوقها وخصوصِيتها وإنسانيتها
وأخيرًا وليس أخراً مهما أي رجل شرقي وضَع نفسه مكان الفتاة ولو ليوم واحِد لن يستطِيع تخَيُل ما يحدث لَها وما الذي تمرّ به وبالتالي لن يستَطيع تصديق ما يحدُث أو أن يشعر بأن ما كتبته لتّو فيه مبَالغة والحَقيقة أنا لم أستطِع كتابة حتّى ربع ما يحدُث لها
فدائما شماعة الرجل هو اللّباس وإن لم يستَطع تعليق شماعته على اللّباس سَيقوم بتعليقها على الإحترام وإن لَم يستطع سيُعلقها على خروجها من الأساس فـ جميع النِساء في المجتمعات العربِية يتعرضن للمُعاكسات والسَبب الوحيد هو تربية الرّجل الشرّقيه وإعتبَار الفتَاة كَائن غريب لَيس له الحَق في أن يكونَ حراً